كن حنّا أو نعيم!

هي مرهقة تلك الأفكار التي تجتاحنا، تعرقل تقدم أملنا! تلك الأفكار التي تمتطينا تسير بنا نحو الظلام. مرهقةٌ هي تلك الأفكار التي تقنعنا بعبثية ما نفعل. تلك الأصوات التي تتسلل إلى أفئدتنا سمًّا. وما الفائدة؟ ولماذا؟ ولمن؟

أبغضها تلك الافكار التي تجول بنا نحو التفكير بذاتنا. لماذا نذهب للتضحية؟ لماذا نفعل لفلسطين؟ مازال هنالك وقت، عشرة أو خمس عشرة عامًا. فكّر بواقعية وعقلانية، اصنع من نفسك شيئًا و ضع سقفًا عقلانيًا لتضحيتك! افعل لفلسطين ضمن ما هو معقول.

مرهقةً تلك الأفكار عندما تمتطينا، عندما نمسي خيل حرثٍ. أنا لا أريدها..

أريد قلب خيلٍ برّية لا تروضها البراغماتية والعقلانية. أنا لن أكون ادوارد سعيد، أنا أريد أن أكون حنّا أو نعيم. إمّا أن أكون حنّا في علمي وثقافتي أو نعيم بعنادي وبريقي. المعقول ليس سقفي وليست إلّا فلسطين الحلم والثورة التي ترفض الواقع والوقائع! لن أكون إلّا من يخلق واقعه فلسطين ثورة!

الشهيدان عبد الحميد وشاحي (نعيم) و حنا إبراهيم ميخائيل (أبو عمر)

عبد الحميد وشاحي هو فلسطيني من قرية إجزم المهجّرة. كان راعي غنم قبل التهجير إلى جنين. من ثم انتقل مع أهلها نحو الكفّارات شمال الأردن وانتقلت به الايام لموطنه الطبيعي ثائرًا يحلم ويقاتل للعودة إلى فلسطين. عرف باسمه الحركي نعيم أو نعيم العرقوب. كان أحد القادة العسكريين الصلاب ولم يكن ليرضخ لبذور التفريط التي بدأت تُنْثر في باحات الثورة منذ السبعينات. فشكّل خصمًا عنيدًا لقيادة المنظمة وفتح السياسية. لم يتلقى أي تعليم رسمي أو خلافه، ولكنّ الأرض والإرث النضالي لعائلته كان كفيلًا بتعليمه أهم ما في الحياة. وأضاف إليها رفيقه الدكتور حنّا ميخائيل الذي بدوره تدرّب على القتال علي يد نعيم الذي قاد دورة عسكرية سنة ١٩٧٥ في الفيتنام.

حنّا ميخائيل لم يكن إدوارد سعيد، كان أجمل. وحيث امتشق إدوار برج الثقافة في مستنقعات الغرب الاستعماري، حنّا كان يعرف فلسطينه. هو كان يعرف أولويته. ترك مناصبه الأكاديمية وانطلق إلى حيث فلسطين تقاتل. كان يعلم أن النظرية إن لم تقترن بالتطبيق فهي عبثية. وإن ولدت النظرية بعيدًا عن أرض المعركة فهي تولد جيفة. عرف حنّا باسمه الحركي أبو عمر. انضم لصفوف الثورة سنة ١٩٦٩ تاركًا وراءه المناصب الأكاديمية البرّاقة لأنه كان يعرف أكثر ما عرف إدوارد، كان يعرف أن يجد فلسطينه. كان أحد أهم منظري الثورة الفلسطينية الذي لم تستسغه الكثير من قيادات المنظمة.

في ليلة ١٩-٢٠ تموز ١٩٧٦، أرسل عرفات نعيم وأبو عمر و عشر من رفاقهم الأشدّاء بقارب من بيروت إلى طرابلس بحجج تنظيمية واستبدال قيادة العميل أبو هاجم غازي عطا الله (وهو أخو العميل الآخر في الثورة أبو الزعيم وعم العميل حازم عطا الله قائد أمني في السلطة).

كان أبو هاجم قد تسبب بكمين استشهد على إثره ٣٠ من المقاتلين بقيادة الشهيد الحاج حسن الطوباسي (عبد الإله دراغمة) كانوا في مهمة تكتيكية شمال لبنان في محاولة لفك الطوق عن مخيم تل الزعتر في ٥ تموز. وبعد كشف عمالته، أبلغوه بأنهم سيرسلون نعيم العرقوب لاستبداله ومع نعيم تسعة من رفاقه من ضمنهم أبو عمر. لم تكن المجموعة تعلم بأن قيادة فتح قررت التخلص منهم فخرجوا ولم يعودوا. اختفت آثارهم. ورغم محاولة قيادة فتح لوم الكتائب، إلّا أن الحقيقة كانت أسطع من أن تخفى بغربال. وبذلك تخلصت قيادة فتح من قادة أصلب من أن يحيدوا عن فلسطين وكل فلسطين اليوم وليس بعد يوم! ورغم توارد أخبار بأن أبو عمر كان من ضمن ٤ أو ٦ أسروا من المجموعة وكانوا في الزنازين السورية، إلّا أنه لم تتأكد أي أخبار بشأنهم.

رفاق نعيم وأبو عمر الذين تم اغتيالهم هم:

  • جودت إسماعيل المصري (أبو الوفا)
  • محمد صادق سالم (الشيخ أمين)
  • محمد محمود أحمد الجعبري (أبو عساف)
  • محمد سليم أشكنتنا (طراد)
  • علي يوسف سويدان (ضرار)
  • منذر عبد الكريم نمر تايه (منذر)
  • عزمي حافظ عبد الهادي (أبو العز)
  • محمد محمود شقير (ثائر)

والبحاران:

  • سعيد هاني دمرية
  • محمد السويسي
نسور العرقوب في الفيتنام

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s