في كل جولة نشعر بجدوى الفعل واقترابنا من الهدف. وما أن تنتهي الجولة، أو قبل ذلك بقليل، حتى يبث علينا العدو بدعاية محمومة بغية اشعارنا بعبثية الفعل. ونحن لا نمتلك إلّا أن نهوي أحيانًا أمام تلك السموم، ليس لأنه فينا من يحقننا بها في الوريد ولكن لأن فينا أيضًا من يطعننا بخناجر مسمومة بكمية كبيرة من اليأس والاحباط. لا يكتفون بالشعور باليأس والعبثية وحدهم، بل لسبب لا تعلمه يريدون لسمومهم أن تعم على الجميع. “على شو وعلى الفاضي..وشو استفدنا..واحنا عملنا وانتوا ما عملتوا..وما بعد ايرز وما قبل قلنديا..والشتات والداخل” وهلم جرة.
عدونا في الحقيقة يبدأ بحملته لاشعارنا بالعبثية خلال كل معركة، وربما قبلها، يعتقل ويقتل ويهدم و و.. وكلما ارتفع سقف العمل تضاعف البطش. هم يقصدون اشعارنا بعبثية العمل. هم حقيقةً لا ينجحون كثيرًا. ولكن من هم منا يهبون لنجدة العدو، قلة عن علم وقلة أخرى عن ضعف وكثر عن جهل.
ولكن دائمًا هنالك من يؤمن بالجدوى، ودائمًا هنالك من ينام باكرًا على أمل يصبح على تحرير، وعندما لا يحصل، لا ينفك عقله يسأل “ما العمل؟ ماذا يمكنني أنا؟” وهذا صراعنا الدائم لادراك الجدوى رغم اصرار كل من حولنا على اشعارنا بالعبثية. وقمة الجدوى هي الفعل دون يقين من النتيجة.
سنتحرر قريبًا..وإن لم يحصل، الأكيد أننا لن نكون من جمع مثقفي البلاط والندوات وناشطي المؤسسات الذين سيتحدثون عن ذل الهزيمة. لن نكون أحياء لنسمعهم، ولن يُعرف لمقابرنا سبيل، سيحضننا تراب فلسطين بكل دفء بعيد عنهم. ولكننا على يقين أن سنتحرر، أقرب مما يتصورون.