أفكار فجّة عن المحاكاة الثورية

ننتظر جميعنا تكرار نيسان الهبّة، يصرخ مؤذن الأقصى عبر مكبرات الصوت بنفس استغاثات يوم الالتحام العظيم في ١٠ أيار الماضي. ننتظر أن تمهل المقاومة العدو حتى السادسة مساءً للانسحاب. ننتظر تكرارًا لسويعات بل أيام من معايشة سيناريو يوم تحرير استقرب من أحلامنا واستملك أفكارنا.

ولكن نعود كما كل مرة إلى نفس تلك الحلقة المفرغة من محاولة تكرار تجربة نوعية استحوذت علينا جميعًا، سواء مؤيدين متحمسين أم متشائمين مترقّبين. ونعود لتلك الحالة من محاولة تكرار التجربة في كل مرة حتى نستنزف طاقاتنا لنصل مرحلة مؤقتة من السكون المتشائم لا تلبث أن تقطع بعملٍ نوعي يقوم آخرون بمحاكاته لتنشأ حالة كفاحية جديدة تشعل أنفاس ثورية وموجة جديد من الاشتباك مع العدو.

وإن كانت تلك الظاهرة تسلط الضوء على مكمن من مكامن الضعف في العمل الكفاحي الجماهيري ألا وهو فقدان التوازن بين العاطفة الثورية والتفكير الثوري لصالح الأولى، ولكنها أيضًا ترسم لنا مكمن حل لمعضلة الحشد والتنظيم التي تواجه العمل النضالي في السنوات الأخيرة.

تلك المعضلة هي ليست نتيجة لترهل معظم الفصائل والأطر الكفاحية وتورط الآخر في فخ توازنات “إدارة دولة ومؤسسات” فقط، بل أيضًا هي نتيجة لتطور نوعي في أساليب المراقبة والسيطرة، وفقدان التجربة الفلسطينية للخبرة الكافية في تطوير العمل الكفاحي المنظم كما السابق. لذلك اقتصرت العمليات الفدائية في السنين العشر أو الخمسة عشر الماضية على مبادرات فردية، سرعان ما تخلق حالة من محاولة محاكاة العمل والتي بدورها ترفع من مستوى الاشتباك الثوري مع المستعمر. ولكننا نتوقف في تلك النقطة. وحتى في الأعمال التي تنظم على مستوى أوسع من الفرد، فهي تعتمد على أداة واحدة، ومعظم الأحيان على عمل واحد يصنع صدى وكبحيرة راكدة عندما تقذف إليها بحجر تتناسخ دوائرها إلى أن تستنزف تلك الهالة لتعود البحيرة إلى الركود.

ولكن تحليل ومعرفة شروط خلق تلك الحالة من المحاكاة الثورية قد تكون مفتاح لمعضلة الحشد والتنظيم. لأن ذلك يعني أن لا تحتج سوا لتنظيم خلية صغيرة تقوم على تقديم نماذج مستمرة من الأعمال يقوم آخرون بشكل تلقائي بمحاكاتها دون تنظيم ملموس. مما يفقد المستعمر قدرته على السيطرة. نماذج من الأعمال الثورية المتسلسلة التي تهدف لضرب أسس الكيان المستعمر المقيد بنقاط ضعف أي كيان مستعمر، وهي المنشآت والبنى التحتية والاقتصادية الثابتة المترامية الأطراف والتي تخدم مجتمع المستعمرين، طرق مواصلات، شبكات اتصال، مؤسسات مالية، الخ.

يكفي التفكير بأفضل تسلسل لضرب تلك الأهداف، وتوفير الإمكانات لنموذج لكل ضربة. ويلبى البعد المتعلق بحجم الضربة من خلال إنشاء حالة تخلق موجة من المحاكاة الثورية. وعندما تحين ساعة الضربة النوعية لأهداف جديدة، أو بأدوات جديدة، يقدم نموذج جديد لبث حالة متجددة من المحاكاة الثورية، تعتمد على ذلك التنظيم الثوري الذي يعتمد على روابط غير ملموسة والتي لا يمكن تفكيكها.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s