هم شهداء الثلاثاء الحمراء عطا الزير ومحمد جمجوم من الخليل (ورفيقيهما فؤاد حجازي من صفد). أسرت قوات العدو عطا ومحمد عقب اشتباكات ٢٣ آب ١٩٢٩ في الخليل التي اندلعت مع السكان اليهود على إثر قيام الصهاينة في القدس باستفزاز الفلسطينيين بمحاولة السيطرة على حائط البراق. أدت الاشتباكات في كل أنحاء فلسطين إلى قتل نحو ٢٤٩ من الشهداء الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة بالإضافة إلى مئات الجرحى.
وكانت قوات الاحتلال البريطاني تبدي تحيزًا واضحًا نحو المستوطنين الصهاينة فمن بين الـ١٣٠٠ معتقل كانت الأغلبية من الفلسطينيين. وحكم بالاعدام على ٢٦ فلسطيني وصهيوني واحد فقط. وبعد تخفيف الأحكام لم يعدم أي صهيوني وتم تنفيذ الحكم بالفلسطينيين الثلاثة فقط.
وكان محمد جمجوم كرفيقه فؤاد حجازي خرّيج الجامعة الأمريكية في بيروت. كان من المقرر أن يعدم في تمام الساعة العاشرة صباحًا من يوم الثلاثاء ١٧ حزيران ١٩٣٠، ولكنه زاحم رفيقه عطا الزير في الساعة التاسعة ليتقدمه في مواجهة مشنقة العدو.
قال بلسانه إبراهيم طوقان بقصيدة الثلاثاء الحمراء:
أنا ساعةُ الرجل العتيدِ أنا ساعةُ البأسِ الشديدِ
أنا ساعةُ الموتِ الـمُشَرْ رِفِ كلَّ ذي فعلٍ مجيد
بطلي يُحطّمُ قيدَهُ رمزاً لتحطيم القيود
زاحمتُ مَنْ قبلي لأَ سْــبقَها إلى شرف الخلود
وقدحتُ، في مُهج الشَّبابِ، شرارةَ العزمِ الوطيد
هيهات يُخدَعُ بالوعودِ، وأنْ يُخدَّرَ بالعهود
قسماً بروح «محمّدٍ: تلقى الردى حلوَ الورود
قسماً بأمّكَ عند مَوْتِكَ، وَهْي تهتف بالنشيد
وترى العزاءَ عن ابنها في صيته الحَسَنِ البعيد
ما نال مَن خدم البِلادَ أجلَّ من أجر الشهيد
وكان عطا الزير مزارعًا شموخًا. لم يتوانى يومًا في تقدم الصفوف. وكان ثالث رفاقه تسلقًا شهادته. وكان مطلبه الأخير حنّاء ليحني يديه كعادة الفلسطينيين في أعراسهم. وقال على لسانه إبراهيم طوقان:
أنا ساعةُ الرجلِ الصبورِ أنا ساعةُ القلبِ الكبيرِ
رمزُ الثباتِ إلى النِّهايَةِ، في الخطير من الأمور
بطلي أشدُّ على لقاءِ الموتِ من صُمّ الصخور
جذلانُ يرتقبُ الردى فاعجبْ لموتٍ في سرور
يلقى الإلهَ «مُخضَّبَ الْــكَفَّينِ» في يوم النشور
صبرُ الشبابِ على المصابِ، وديعتي ملءَ الصدور
أنذرتُ أعداءَ البِلادِ بشَرّ يومٍ مُستطير
قسماً بروحكَ يا «عطاءُ»، وجنَّةِ الـمَلِكِ القدير
وصِغارِكَ الأشبالِ تَبْــكي الليثَ بالدمع الغزير
ما أنقذ الوطنَ المفَدْ دَى غيرُ صبّارٍ جسور