“أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط”

مثل اليوم، أزهار ربيع الجنوب فتحت ونورت أكثر من أي فصل سبق. سناء محيدلي سقت بدمها أرض جزّين. مثل اليوم قبل 30 سنة، سناء كانت متفجرة اتفجرت زلزال على رؤوس جيش العدو.

محمد منير غنى لسناء كلمات جمال بخيت “ اتحدى لياليك ياغروب واتوضا في صهدك يا جنوب“.

الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم كتب لسناء محيدلي قصيدة “وطن على الورق” والتي غناها الفنان اليمني محمد مرشد ناجي.

عن موقع http://www.ssnp.info/index.php?article=62274

سناء يوسف محيدلي، ولدت في 14 آب عام 1968 في بلدة عنقون الجنوبية، (تبعد 7 كيلومتراً عن مدينة صيدا) جنوب لبنان، والدها يوسف توفيق محيدلي. توفيت والدتها فاطمة وهي في الثالثة من عمرها، وعاشت بعد ذلك في كنف والدها الذي كان ملتصقا بها بعد وفاة والدتها، وتزوج بعد ذلك ليكون لسناء اخت واحدة- عبير وثلاثة أشقاء هم هيثم ومحمد ورامي.

حلمت سناء دائما ببلدتها، بترابها ورائحتها، ببيتها الصغير، وفيء الشجرة أمامه، كانت تتوق الى بيت جدتها، الى أصدقائها وأهلها.

نمت سناء محيدلي في بيت وطني حيث كان والدها ممن يرفضون الظلم والقهر والاحتلال كباقي اترابه ورغم تواضع العيش والحياة خلال الحرب اللبنانية بقيت عائلة سناء تسكن بيروت ومرار الاحتلال تراود صبية تنظر الى مستقبل امة وليس مستقبل فتاة.

نشأت سناء في منزل ذويها في منطقة المصيطبة في بيروت، تلقت دروسها في مدرسة السريان، ولكن ما لبثت أن تركت المدرسة للعمل في محل تأجير افلام فيديو يديره السيد فؤاد حبيب.

خرجت سناء من منزلها صباح الأحد الواقع في 24 آذار 1985 بحجة شراء طلاء للأظافر، إلا أنها لم تعد إلى حيها في المصيطبة ذاك النهار، وفي المساء بدأ أهلها البحث عنها، فاتصلوا بالأصدقاء والأقارب، ثم بالأحزاب والأجهزة الأمنية، ولكن من دون جدوى، فظنوا أنها ذهبت… للزواج سرّاً.

وعند الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء الواقع في 9 نيسان عام 1985 قادت إبنة السبعة عشر ربيعاً سيارة بيجو 504 بيضاء اللون مجهّزة بـ200 كيلوغراما من مادة الـ«ت. ن. ت.» شديدة الانفجار، تعبر السيارة الحاجز المقام في منطقة باتر – جزين في طريقها نحو الجنوب اللبناني، وقد سبق للسيارة أن توقفت وراء الحاجز المقام للعبور نحو الجنوب، ثم انضمت فيما بعد الى طابور طويل من السيارت، وبعد عبورها الحاجز الاول لم تكمل السيارة طريقها، بل سارت ببطء ومن دون ان ينتبه احد من جنود الاحتلال الصهيوني او العملاء لما تقدم عليه سناء، التي كانت تقود السيارة وتتجه بكل عزم واصرار نحو قافلة عسكرية «اسرائيلية» تتحرك في المنطقة، ضمن اجراءات القيادة العسكرية «الاسرائيلية» لإخلاء معدات من مواقعها في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، استعدادا لتنفيذ المرحلة الثانية من الانسحاب.

وقد لاحظ احد جنود العدو الصهيوني أن السيارة لم تكمل طريقها وفق ما أشار لها احد حراس نقطة التفتيش، فاقترب منها محاولا التدقيق بهوية الفتاة التى كانت تقودها، ولكن سناء كانت اكثر اصرارا وتصميما وسرعة، فانطلقت بسيارتها باتجاه القافلة، واجتازت حاجزا حديديا موضوعا بشكل افقى امام مركز التجمع، وامامه عوائق صغيره متعددة، فأطلق حامية الحاجز الصهيوني رشقات من الرصاص باتجاه السيارةـ لكن اصرار وعزيمة المقاومة الشهيدة كانا اسرع بالوصول الى تجمع القافلة، وضغطت سناء على قابس كان يشكل لحظة العبور، العبور إلى المجد والعز والخلود، فجّرت نفسها، وفجّرت معها رؤوس صهاينة إرهابيين جبناء، سقط منهم ما يقارب الخمسين قتيلاً وجريحاً، وأحرق عدد من الآليات والدبابات، فضلاً عن حالة الهستيريا التي انتشرت في صفوف من تبقى من جنود العدو الذين بدأوا بإطلاق النار عشوائياً.

http://www.khiyam.com/news/article.php?articleID=766 وصيتها الخطية بحسب موقع

أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط أنا لم أمت بل حية بينكم أتنقل..اغني..ارقص..احقق كل آمالي.. كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطلة التي قدمتها..أرجوكم أقبل اياديكم فرداً فرداً لا تبكوني..لا تحزنوا علي. بل افرحوا اضحكوا للدنيا طالما فيها أبطال.. طالما فيها آمال بالتحرير..أنني بتلك الصواعق التي طيرت لحومهم وقذارتهم بطله…

أنا ألآن مزروعة في تراب الجنوب اسقيها من دمي وحبي لها…آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي ليتكم تعرفون لكنتم شجعتم كل الذين سائرون على خط التحرير من الصهاينة الإرهابيين مهما كانوا أقوياء إرهابيين قذرين, هم ليسوا مثلنا.. إنهم جبناء يطعنون من الخلف ويغدرون، يتلفون شمالاً ويمينا هربا من الموت.. التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا تكون ألأبطال…

إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف، لا تبكوا عليّ من هذه الشهادة الجريئة، لا، لحمي الذي تناثر على الأرض سيلتحم في السماء.. آه أمي كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي عن اللحم، ودمي يهدر في تراب الجنوب. من اجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة و الكتائب نسوا بأنهم صلبوا مسحهم.. أنا لم أمت هذه واحدة والثانية ستأتي اكبر وستليها ثالثة ورابعة ومئات العمليات الجريئة..

فضلت الموت من أن يغرني انفجار أو قذيفة أو يد عميل قذر، هكذا أفضل و اشرف أليس كذلك.. ردوا على أسئلتي سأسمع بالرغم من أنني لست معكم، سأسمع لان صوتكم وضحككم الجريء سيصل إلى كل حبة تراب سقيتها بدمي. وسأكون صاغية هادئة لكل حركة، لكل كلمة تلفظونها.. اجل هذا ما أريد ولا تغضبوا علي لأني خرجت من البيت دون إعلامكم… أنا لم أذهب لكي أتزوج ولا لكي أعيش مع أي شخص بل ذهبت للشهادة الشريفة الباسلة السعيدة.. وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s